نام کتاب : تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل نویسنده : الخازن جلد : 4 صفحه : 10
أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ
يعني لا يقدرون على الرجوع إلى أهلهم لأن الساعة لا تمهلهم بشيء وَنُفِخَ فِي الصُّورِ هذه النفخة الثانية وهي نفخة البعث وبين النفختين أربعون سنة (ق) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ما بين النفختين أربعون، قالوا يا أبا هريرة أربعين يوما قال أبيت، قالوا أربعين شهرا قال أبيت، قالوا أربعين سنة قال أبيت ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل وليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ أي القبور إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ أي يخرجون منها أحياء قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا قال ابن عباس إنما يقولون هذا لأن الله تعالى يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون فإذا بعثوا بعد الثانية وعاينوا أهوال القيامة دعوا بالويل. وقيل إذا عاين الكفار جهنم وأنواع عذابها صار عذاب القبر في جنبها كالنوم فقالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ أقروا حين لا ينفعهم الإقرار. وقيل قالت لهم الملائكة ذلك، وقيل يقول الكفار من بعثنا من مرقدنا فيقول المؤمنون هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً يعني النفخة الأخيرة فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ أي للحساب فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قوله تعالى: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ قال ابن عباس في افتضاض الأبكار وقيل في زيارة بعضهم بعضا وقيل في ضيافة الله تعالى، وقيل في السماع وقيل شغلوا بما في الجنة من النعيم عما فيه أهل النار من العذاب الأليم فاكِهُونَ قال ابن عباس فرحون وقيل ناعمون وقيل معجبون بما هم فيه.
[سورة يس (36): الآيات 56 الى 60]
هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (56) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (57) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)
هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ يعني أكنان القصور عَلَى الْأَرائِكِ يعني السرر في الحجال مُتَّكِؤُنَ يعني ذوو اتكاء تحت تلك الظلال لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ أي في الجنة وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ يعني ما يتمنون ويشتهون والمعنى أن كل ما يدعون أي أهل الجنة يأتيهم سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ يعني يسلم الله عز وجل عليهم روى البغوي بإسناد الثعلبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب عز وجل قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله عز وجل سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم» وقيل تسلم الملائكة عليهم من ربهم وقيل تدخل الملائكة على أهل الجنة من كل باب يقولون سلام عليكم من ربكم الرحيم وقيل يعطيهم السلامة يقول اسلموا السلام الأبدية وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ يعني اعتزلوا وانفردوا وتميزوا اليوم من المؤمنين الصالحين وكونوا على حدة، وقيل إن لكل كافر في النار بيتا فيدخل ذلك البيت ويردم بابه فيكون فيه أبد الآبدين لا يرى ولا يرى فعلى هذا القول يمتاز بعضهم عن بعض.
قوله عز وجل: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أي ألم آمركم وأوصيكم يا بني آدم أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ يعني لا تطيعوه فيما يوسوس ويزين لكم من معصية الله إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ أي ظاهر العداوة.